عندما تصبح الرداءة طريقا نحو ''النجومية''
في عالم الفنّ و''الشوبيز'' عموما تعتبر الشهرة احدى مقومات النجاح لأي شخص يعمل في هذا المجال وهي بالنسبة للكثيرين مؤشر على مدى اعجاب الجماهير العريضة بما يقدّمه الفنان أساسا من أغاني أو أعمال درامية وسنيمائية وغيرها من الفنون...
ولكن خلال السنوات الأخيرة ومع بروز برامج تلفزيون الواقع والإنتشار الواسع لوسائل التواصل الإجتماعي، شهد مفهوم الشهرة تغيّرا جذريا ولم تعد تقتصر على الفنانين الحقيقيين فحسب...
شيوع استخدام وسائل التواصل الإجتماعي ساهم في تغيير مفهوم الشهرة التي أصبحت في متناول العديد من الأشخاص المغمورين من خلال ما ينشرونه عبر وسائل التواصل الإجتماعي وأساسا فايسبوك ويوتيوب لما يعتبرونه فنّا يصل في أحيان كثيرة حدّ الإبتذال ...
هذه النجومية والشهرة ''المزيفة'' التي لا تنبني على موهبة حقيقية، مع بعض الإستثناءات، يمتد صداها إلى وسائل الإعلام الكلاسيكية التي تزيد من تكريس هذا الوهم في نفوس أصحابها من خلال تأمين حضور مكثّف لهم في مختلف البرامج التلفزية والإذاعية ويصبح النجوم ''الإفتراضيون'' حديث القاصي والداني بل إنّ حضورهم قد يغطي على أحداث هامة ومصيرية...
''الجمهور عايز كده''
وكثيرا ما تتعلّل وسائل الإعلام في تبريرها لاستضافة هؤلاء ''النجوم'' وتخصيص تغطية واسعة لهم بأنّ لديهم حضوة لدى الجمهور وأنّ متابعيهم يعدون بالآلاف بل بالملايين وهو ما يمثّل فرصة لوسائل الإعلام من تحقيق نسب مشاهدة عالية أو الرفع في نسب التوزيع بالنسبة للصحافة المكتوبة والترفيع في عدد رواد المواقع الإلكترونية وإحداث الـ Buzz... وهو تعامل براغماتي يزيد من تكريس الرداءة التي يطالعنا بها هؤلاء النجوم المزعومون ولا يبرّر البتّة هذا الحضور المكثف الذي يحضون به...
ولا يتوقف الأمر عند هذا الحدّ بل أصبحوا يحضون بشرف السير على السجاد الأحمر في مختلف المهرجانات الفنية على حساب النجوم الحقيقيين الذين أفنوا سنوات من حياتهم في خدمة الفن.
عن أي فنّ تتحدثون
جولة قصيرة في الصفحات الخاصة بمن يُعتبرون نجوما على يوتيوب وفايسبوك أو انستاغرام وما ينشرونه من فيديوهات يجعلك تتأكّد من أنّ ما يقدمونه بعيد كلّ البعد عن الفنّ... فعدد ''الإعجابات'' (like) أو المشاركات (share) مهما بلغ عددها لا يمكن أن تكون مقياسا لجودة ما يعرضونه على الجماهير من أعمال.
وان كانوا يتعلّلون بالحرية الفنية، ان فرضنا جدلا أنّ ما يقدمونه فنّا، فحجتهم تلك مردودة عليهم، فالمعجم اللغوي والمصطلحات المستخدمة فيها الكثير من الرداءة والإيحاءات الجنسية والكلام المبتذل يمكن أن يستخدم في أعمال أخرى تتجاوز سن المتلقي فيها 16 أو 18 عاما فما فوق
وان تجاوزنا هذه النقطة وتمعنّا في الجوانب الفنية الأخرى، الموسيقية والإخراجية وغيرها لا يمكن إلاّ أن تؤكّد ما قيل سابقا فلا وجود لأي عبقرية فنية يمكن أن تغفر لهم ما آتوه من ''سقاطات''.
الجمهور يتحمّل جزء من المسؤولية
الإلقاء باللوم على هؤلاء النجوم ''الإفتراضيون وعلى وسائل الإعلام لا ينفي مسؤولية الجماهير في مزيد تكريس الرداءة فمجرّد متابعتهم على الإنترنت والجلوس لساعات أمام التلفاز في مشاهدتهم لن يزيدهم إلاّ صلفا ودعما لهم لينتزعوا ألقابا ومواقع لم تخلق لأمثالهم.
إرسال تعليق